An article about the recent "domestic workers training center".
إنه مكتب لتعليم الخدمة وليس استقدام عاملات. فهل تحتاج الخدمة إلى تعليم؟ تأتي الإجابة بـ«نعم»، في ظل معاناة تستمر أشهر بين العاملة وسيدة المنزل. قد لا يغيّر التعليم من منطق «الخدمة»، فهل يغيّر في منطق الحقوق؟
جريدة الأخبار، ربى أبو عمّو
جريدة الأخبار، ربى أبو عمّو
في أوائل الشهر الماضي، افتتحت مؤسسة «راي غروب» المركز الأول في لبنان والشرق الأوسط للتدريب على التدبير المنزلي والتنظيف على أنواعه (خصوصاً للعمّال الأجانب)، إضافة إلى أسلوب جديد لإعداد المائدة اللبنانية، بحسب مؤسّسها رشيد بيضون. لكن هل يحتاج التدبير المنزلي والتنظيف إلى مكتب متخصّص؟ يجيب بيضون بـ«نعم»، مسلّطاً الضوء على معاناة اللبنانيين في تأهيل العاملات من الصفر. تشرح إحدى السيدات التي لجأت إلى المكتب لتدريب الفتاة الإثيوبية التي تعمل لديها، قائلة إنها «لم تكن تعرف شيئاً على الإطلاق. ولأنها امرأة عاملة، وجدت في المؤسسة فرصة قد تكون مفيدة». لاحظت السيدة الفرق. 5 أيام كانت كفيلة بإحاطة الفتاة بما يحتاج إليه المنزل. مدة التدريب هي 4 أيام في مقابل 170 دولاراً. وإذا أرادت سيدة المنزل تعليم الفتاة إعداد الطعام الأوّلي وترتيب المائدة، تُضاف 3 أيام في مقابل 100 دولار. تجارة هي إذاً. يرفض بيضون هذا الوصف قائلاً: «لو أردت أن أكون تاجراً لفتحت مكتباً لاستقدام العاملات».
بعض العاملات الأجنبيات يخضعن للتدريب في بلدانهن قبل
المجيء إلى لبنان، كما في بنغلادش. لكن فرح التي استقدمت بنغلاديشية، اضطرت إلى إعادة تدريبها، «فطريقتهم مختلفة». لكنها تسخر من فكرة المكتب، «راتب العاملة الشهري لا يتجاوز 125 دولاراً، فكيف أدفع 170 دولاراً مقابل 4 أيام؟».
مركز المؤسسة هو عبارة عن بيت مؤلّف من غرف عدة. المدخل مخصّص لترتيب مائدة الطعام وفن الضيافة اللبنانية. هناك غرفة مخصصة لتعليم تنظيف البلاط والرخام و«الباركيه». أخرى لتعليم غسل الملابس وكيّها، تنظيف الزجاج والخشب، تنظيف المرحاض يومياً وأسبوعياً، إضافة إلى ترتيب الأسرّة. تضاف إلى ذلك محاولة معالجة المشكلة الأساسية، برأي بيضون، التي تكمن في عدم القدرة على التواصل بين العاملة الأجنبية وسيدة المنزل. لذلك، وعدت «كاريتاس» المؤسسىة بتزويدها بكتيّب لتعليم المفردات الأساسية التي تحتاج إليها العاملة للتواصل. لكن منسّقة المشاريع في المنظمة، حسْن صياح، أوضحت أن الفكرة أوّلية، لأنها بانتظار رؤية النتائج على الأرض. حتى إنها رفضت إبداء رأيها في فكرة المكتب، قائلة: «قد تكون فكرة ممتازة والتنفيذ سيّئ، والعكس صحيح».
يحرص بيضون على الجلوس مع سيّدة المنزل لمعرفة جميع طلباتها وخصوصياتها قبل تدريب العاملة. مثلاً كيف تحبّ قهوتها؟ يحكي كثيراً عن خصوصيات العائلة اللبنانية، منها عدم تقبّل منح العاملة عطلة يوم الأحد. ويلفت إلى توعية العاملة على حقوقها وعدم نقل أسرار البيت إلى الخارج، وخصوصاً أن «بعض الشباب قد يستدرجنها لسرقة المنزل».
تالا فتاة إثيوبية تعمل في لبنان منذ أربع سنوات، وهي مسؤولة عن تدريب العاملات الجدد في المؤسسة. تبدو قليلة الكلام، أو ربما عاجزة عن توضيح فكرتها بالعربية، لكنها تحلم مستقبلاً بفتح مكتب مماثل في إثيوبيا. اعتادت أن تساعد والدتها في الأعمال المنزلية، لذلك لم يكن الأمر صعباً أو مختلفاً في بيروت. تبقى الإحاطة بالعقلية اللبنانية. لكن ما قصة هذه العقلية؟ لاحظت زميلة تالا، سوزان، أن اللبنانيين شديدو الحرص، وأحياناً قساة، بحسب تجربتها. ربما هو نتاج العنصرية المتبادلة بين البشرتين السوداء والبيضاء. يحكي بيضون الذي عاش سنوات في أفريقيا، كيف أن الأفارقة لا يحبون اللبنانيين. ومن هنا تبدأ صعوبة التواصل. وجدت تالا في «الخدمة» استمراريتها. حلم العودة إلى الوطن منوط بتصدير مزيد من الإثيوبيات للخدمة في المنازل، وليس البحث عن طريق جديد.
المهتمون بالمكتب ما زالوا قلّة، يقتصرون على بعض الأصدقاء. يشير بيضون إلى اتفاقه وإحدى الجمعيات على تدريب نحو 100 عراقي. طرحت المؤسسة نفسها مصلحة اجتماعية. لكن هل سيراقب هذه العاملة في البيت التي تعمل لديه؟ هل باستطاعته محاسبة سيدة المنزل إذا لم تحترم حقوق العاملة؟ الأسئلة كثيرة، وقد لا تأتي الأجوبة. وإن أتت، فهي لن تغيّر منطق الخدمة.
No comments:
Post a Comment