Thursday, March 15, 2012

السيدة الإثيوبية عاليم ديسيسا انتحرت


إسمها باللغة الإنجليزية: Alem Dechasa

يقول تقرير الطبيب الشرعي الذي كشف على جثتها، ان «السيدة الإثيوبية عاليم ديسيسا قد انتحرت»، وفق المعلومات الأمنية. ماتت عاليم، تاركةً طفلين ينتظران رجوعها من البلد الذي قصدته لتؤمن لهما حياة كريمة. نُقل عنها حلمها قبل يومين بطفلها البكر يحمل صحناً فارغاً ويلومها لأنها تأكل من صحن ممتلئ. رحلت عاليم، لكنها تركت للبنانيين شريط فيديو يظهر تعنيفها خلال إرغامها على الصعود إلى سيارة قريب لصاحب
المكتب الذي استقدمها من بلادها. صاحب المكتب «ش. م« قال إنه كان يعمل على علاجها من أزمة نفسية حادة، ريثما يعيدها إلى اثيوبيا، وهو ما أجمعت عليه جهات مختلفة، ونقلته عن أحد معالجيها النفسيين المسؤولة في منظمة «كاريتاس» نجلا شهدا لـ«السفير»، مؤكدة أن وضعها النفسي لا يبرّر ما تعرّضت له على الإطلاق. وعليه، تم نقل عاليم إلى مستشفى دير الصليب للعلاج النفسي بتاريخ 25 شباط الماضي، حيث قضت.
ويأتي انتحار عاليم كواحدة من نحو خمسين حالة انتحار سنوية على الأقل تسجّل بين عاملات منزليات في لبنان، وفق إحصاء نفذته منظمة «هيومن رايتس ووتش» في العام 2009، ليطرح مسألة ما يسمى خطأ بنظام «الكفيل» في لبنان برمته، وعدم شمول الدولة اللبنانية للعمال الأجانب في قانون العمل اللبناني. وعليه، يحمّل علي فخري، من «حركة مناهضة العنصرية»، مسؤولية موت عاليم «لكل المنظومة التي تحكم استقدام ومعاملة العمال الأجانب في لبنان، ومن بينها عنصرية بعض اللبنانيين أيضاً». ويقول فخري إن «تحكّم الكفيل ومكاتب الاستقدام بالعاملات الأجنبيات وبحريتهن وكل تفاصيل حياتهن، يقتلهن، وإن العمل لمدة 18 ساعة يومياً من دون راحة يقتلهن، وإن النوم على الشرفات والتعرض لشتى انواع الانتهاك النفسي والمعنوي والحقوقي والجسدي والجنسي وأيضاً القانوني، في مقابل لاحماية القوى الأمنية، يقتلهن أيضاً، ومعه حجز رواتبهن». ويتساءل فخري عن السبب الذي يدفع أي عاملة تركت أطفالها وزوجها وعائلتها واستدانت كي تأتي للعمل هنا، لتنتحر، لو انها حصلت على الحماية التي تستحقها؟. وإذ يشير إلى وجود أناس عنصريين في كل دول العالم، فهو يتوقف عند «الفرق الذي يكمن في وجود قوانين تحمي العمال الأجانب وتصون كرامتهم وتمنع استغلالهم وانتهاك حقوقهم، على عكس ما يجري في لبنان».
حوّلت عاليم إلى «دير الصليب» في 25 شباط الماضي، وهي حاولت العمل لدى ثلاث عائلات مختلفة، لكن ما لبثت أن «أعيدت» إلى مكتب الاستقدام. والمشاهد التي نقلتها محطة «ال.بي.سي» في برنامج «كلام الناس» خلال الاسبوع الماضي، تصور محاولة شقيق صاحب المكتب، ويدعى «ع. م.»، إجبارها على الصعود إلى سيارته من أمام مبنى قنصلية اثيوبيا، بعدما «قفزت من نافذة السيارة»، كما قال يومها.
واستنكر قنصل اثيوبيا في لبنان أسامينو بونسا موت مواطنته، موضحاً أنه زارها في المستشفى يوم السبت الماضي، ليقدّم لها «الدعم الذي تحتاج اليه، وكانت هادئة وبحالة جيّدة». لكنّه تلقى عند السادسة من صباح أمس، اتصالاً يفيده بانتحارها، موضحاً أنه ما إن علم بما تتعرّض له خارج السفارة، حتى اتصل بالقوى الأمنية لاتخاذ الإجراءات اللازمة، وطلب إحالتها إلى مستشفى مختص لمعالجتها.
أما صاحب مكتب الاستقدام «ش. م» فاعتبر أن «انتحار عاليم دليل على ما سبق وذكره من أنها تعاني من مشاكل نفسية»، مشيراً إلى انه «كان يمكن ان تنتحر عندي في المنزل، حيث حاولت ذلك مرتين، وها هي أقدمت على الانتحار حيث أودعت للمعالجة». وأعرب عن استعداده لمساعدة أهلها «ولو أنني غير ملزم بذلك». واعتبر أن «ما صور عن تعرضها للعنف ليس سوى لحظة ضعف وتصرف غير مهني من قبل شقيقي بعد معاناة من محاولاتها المتكررة لإنهاء حياتها».
هل يمكن لقصة عاليم أن تضع حدّاً لمعاناة العاملات الأجنبيات في لبنان، أم أنها ستوثق إلى جانب غيرها من قصص العنف ضدّهن لتعاد على مسامع الحاضرين في المؤتمرات والمنتديات؟ وإذا اقتضت حالتها الخاصة مناقشة من خارج جدول الأعمال، فمتى يناقش مجلس الوزراء ضمّ العمال الأجانب إلى قانون العمل اللبناني؟ ومتى تنهي الدولة نظام «الكفيل» الذي وصفه وزير العمل السابق شربل نحاس بـ«المستورد، وغير الموجود أصلاً». أم أن المسؤولين اللبنانيين سيكتفون ببيان وزارة العمل يوم شاهد القيمون عليها الشريط، وعلّقوا بالقول: «ما حدث أمر غير مألوف ومدان»؟ فـ«غير المألوف والمدان» فعلياً هو تقاعس الدولة، حكومة ومجلساً نيابياً، عن اتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجة هذا الملف. ختاماً يجدر التذكير بأن القرار الذي اعده الوزير نحاس مع فريق عمله لوضع آلية تحفظ حقوق العمال الأجانب في لبنان، ريثما يتم ضمهم إلى قانون العمل اللبناني، كما كان ينوي، جاهز ولا يحتاج إلاّ إلى توقيع وزير العمل الحالي سليم جريصاتي.
وكان المكتب الاعلامي لجريصاتي اصدر بياناً امس «سجّل» فيه اسفه «لاقدام الخادمة الاثيوبية على الانتحار»، وانه «اعطى توجيهاته اللازمة للتشدد مع مكتب الاستخدام لجهة ظروف استقدامها واستخدامها والاعراض الصحية التي قيل انها تشكو منها».
واعتبر ان «ما جرى هو مأساة انسانية تفتح الباب واسعا امام تنقية قطاع مكاتب الاستخدام وفتح الملف على مصراعيه، وهو قد ورث مئات المكاتب». وكلف جريصاتي المدير العام للوزارة بالانابة عبد الله رزوق تقديم التعازي باسم الدولة اللبنانية في السفارة الاثيوبية.

No comments:

Post a Comment