Monday, August 23, 2010

وفاة أربع عاملات أجنبيات في ثلاثة أيام

لم ينته مسلسل وفيات العاملات الأجنبيات في لبنان، أربع فتيات فقدن حياتهن بين 19 و21 الجاري، اللافت أن التقارير تتبنى مقولة أنهن رمين أنفسهن من شرفات

 المصدر: جريدة الأخبار-  عدد الاثنين ٢٣ آب ٢٠١٠ - عنوان المصدر
http://al-akhbar.com/ar/node/203202

بيسان طي

رغم أن ناقوس الخطر دُق، رغم التقارير والإنذارات التي صدرت عن وفاة عاملات أجنبيات، ما زال الموت على موعد مع بعضهن. أربع عاملات منازل فقدن الحياة في ثلاثة أيام. عند الساعة الثانية بعد ظهر السبت الماضي، تعرضت عاملة بنغلادشية للغرق في مسبح فيلا مشغلها حسين ق. في الرميلة. لم يُذكر اسم العاملة، ولكن جاء في بلاغ وارد إلى قوى الأمن أنها تعرضت للغرق في المسبح «أثناء ممارسة السباحة، وقد نُقلت جثة هامدة إلى مستشفى صيدا الحكومي».

في محلة أبي سمرا في طرابلس، عند التاسعة صباح أول من أمس أقدمت كملاري على رمي نفسها من شرفة منزل مشغليها في الطبقة السادسة من إحدى بنايات المنطقة. البلاغ كما ورد إلى قوى الأمن بعد نحو نصف ساعة فقط على وفاتها خلص إلى أنها «أقدمت على رمي نفسها من الشرفة»، وأنها نُقلت بواسطة سيارة إسعاف تابعة للصليب الأحمر «إلى أحد المستشفيات وما لبثت أن فارقت الحياة»، هذه المرة لم يُذكر اسم الراحلة بالكامل ولم تُعرف جنسيتها، ولكن اللافت أن البلاغ تبنى الرواية القائلة إنها رمت نفسها، قبل انتهاء التحقيق.

بعد أقل من ثلاث ساعات على وفاة كملاري، سُجل في محلة أبي سمرا أيضاً العثور على جثة امرأة نيبالية مجهولة الهوية، كانت أمام مدخل إحدى البنايات، وقد كُلّف طبيب شرعي الكشف على الجثة وتحديد أسباب الوفاة.

أيعقل أن تموت عشرات العاملات الأجنبيات انتحاراً؟

صباح يوم الخميس الماضي، توفيت العاملة الإثيوبية سيرك ووغابي (29 عاماً)، ووفق ما جاء في البلاغ الوارد إلى قوى الأمن أنها كانت تعمل في منزل أحمد م. في ساقية الجنزير ــــ بيروت، وأنها رمت نفسها من شرفة المنزل في الطبقة العاشرة، ما أدى إلى وفاتها.

حتى يوم أمس فإن أكثر من خمس عاملات أجنبيات لقين حتفهن في لبنان، منذ بداية شهر آب. اللافت أن التقارير الأمنية والبلاغات التي ترد إلى قوى الأمن تبت سريعاً فرضيات الانتحار أو إقدام العاملة على رمي نفسها من الشرفة أو ما إلى ذلك من أساليب قتل الذات، ورغم أن أعداد العاملات الأجنبيات اللواتي يمتن في لبنان بات يسجل بالعشرات سنوياً، فإنه لم يفد عن توقيفات في هذا المجال.

السؤال الأبرز الذي يطرحه بقلق ناشطون في مجال حقوق الإنسان هو الآتي: «أيعقل أن تموت عشرات العاملات الأجنبيات انتحاراً؟»، ويضيفون «لماذا لا تُجرى تحقيقات جدية لتبين أسباب موتهم، أُيعقل أن تقفل بعض الملفات خلال أقل من 24 ساعة، فيما ملفات الجرائم أو الحوادث الأخرى تظل سنوات حتى يصدر بشأنها قرار!».

قضية أخرى يجدر التوقف عندها، إذا صحّ أن هؤلاء العاملات يقدمن على الانتحار، ألا يستدعي ذلك بحثاً جدياً من السلطات الرسمية وسفارات بلدان العاملات وهيئات المجتمع المدني حول أسباب هذا الانتحار المفترض، للحؤول دون استمراره، أي من خلال إقرار إجراءات لحماية العاملات، وإلزام أصحاب العمل باتباعها. مدراء الهيئات الدولية والأهلية المتابعة لقضايا انتهاك حقوق الإنسان في لبنان يكررون منذ شهور، بل سنوات، إن التحقيقات في موت هؤلاء الفتيات لا تجري بالجدية الكافية. معظم التقارير ترتكز على إفادة رب العمل، ويذكّر الناشطون من جهة أخرى بالوضع السيئ الذي تعيش فيه عاملات منازل، محرومات من معظم حقوق العمال.

السلطات اللبنانية اتخذت أخيراً بعض القرارات الهادفة إلى تحسين ظروف عاملات المنازل، ومنها العقد الموحد، وتخصيص خط ساخن لتلقي شكاوى العاملات، ولكن هل تكفي هذه الإجراءات للحد من المعاملة السيئة التي تلقاها بعض العاملات الأجنبيات في منازل مشغليهن؟ ألا يجدر التحقيق مطولاً في أسباب وفاة كل عاملة. وإذا ثبت، بعد التحقيقات الجدية والمطولة، أن بعضهن أقدم على الانتحار، ألا يستدعي ذلك بحثاً في أسباب الانتحار، ومساءلة المشغلين حول ظروف العمل

No comments:

Post a Comment