من جريدة السفيرتاريخ 29/04/2010
أعلنت منظمة «هيومن رايتس ووتش»، في تقرير أصدرته أمس لمناسبة عيد العمال، أن الإصلاحات التي أجرتها حكومات الشرق الأوسط وآسيا لصالح عاملات المنازل المهاجرات، لا توفر الحد الأدنى من تدابير الحماية اللازمة، للتصدي للإساءات المرتكبة بحقهن. وقالت إنه بالرغم من التحسن في الأوضاع مؤخراً، فإن الملايين من النساء الآسيويات والأفريقيات ما زلن عرضة لخطر الاستغلال والعنف، في ظل أمل ضعيف في الإنصاف أو التعويض.
وتضمن التقرير الذي تألف من 26 صفحة، مراجعة أوضاع ثماني دول فيها أعداد كبيرة من عاملات المنازل المهاجرات، هي: لبنان والأردن والسعودية والكويت والإمارات والبحرين وسنغافورة وماليزيا.
وقالت الباحثة في حقوق المرأة في «هيومن رايتس ووتش» نيشا فاريا إن هناك حكومات عدة أحرزت تحسينات ملموسة لصالح عاملات المنازل في السنوات الخمس الأخيرة، لكن الإصلاحات كانت بشكل عام بطيئة وتراكمية ويتم تحقيقها بمشقة. وأشادت بالأردن لأنها ضمت عاملات المنازل إلى قوانين العمل الوطنية، لكن يجب متابعة التطبيق ورصده. وقامت سنغافورة بملاحقة من يسيئون لعاملات المنازل قضائياً ملاحقة حثيثة، لكنها أخفقت في توفير يوم عطلة أسبوعي لهن.
ويعمل في العديد من البلدان في الشرق الأوسط وآسيا، أعداد كبيرة من عاملات المنازل المهاجرات، تتراوح بين 196 ألفاً في سنغافورة، و200 ألف في لبنان، ونحو 660 ألفاً في الكويت، و1.5 مليون عاملة في السعودية.
وأظهرت أبحاث «هيومن رايتس ووتش» على مدار السنوات الخمس أن الشكاوى الأكثر شيوعاً تشمل عدم تلقي الأجور، والعمل لساعات مطولة من دون أوقات للراحة، والاستدانة بمبالغ كبيرة لتوفير رسوم الاستقدام للعمل، والعزلة في المنازل، وتحديد الإقامة قسراً في مكان العمل، ما يسهم في العنف النفسي والبدني والجنسي والعمل الجبري وحالات الإتجار بالبشر.
وقالت نيشا فاريا إن الإصلاحات كثيرا ما تواجه مقاومة عنيدة من أصحاب العمل، المعتادين على توفر عاملات المنازل على مدار الساعة، وسماسرة استقدام العمالة الذين يحققون أرباحاً طائلة من نظام سيئ. وأشارت إلى أن غالبية الدول تستبعد عاملات المنازل من قوانين العمل السارية فيها، وتحرمهن من تدابير الحماية المكفولة لغيرهن من العمال، مثل الحد الأقصى لساعات العمل، ويوم الراحة الأسبوعية. والأردن هي الدولة الوحيدة، بين الدول المذكورة التي وفرت الحماية من قبيل دفع الرواتب شهرياً على الحسابات البنكية مباشرة، ومنح يوم راحة أسبوعي، وإجازات سنوية ومرضية، واقتصار يوم العمل على 10 ساعات. لكن لا يمكن لعاملات المنازل فيه مغادرة محل العمل من دون إذن من صاحب العمل.
وقد أعلنت حكومات لبنان والإمارات والكويت والبحرين والسعودية وماليزيا أنها ستعدل من قوانين العمل لديها أو تصدر تشريعات جديدة، لكن لم يتم تبني أي إصلاحات. وقد وافق مجلس الشورى السعودي على ملحق لنظام العمل يخص عاملات المنازل، لكن الوزارة لم توافق عليه بعد. وتكرر رفض وزير القوى العاملة السنغافوري مراراً لدعوات مد تدابير حماية قوانين العمل لتشمل عاملات المنازل.
وأوضحت نيشا فاريا أنه بدلاً من ضمان الحماية بموجب قوانين العمل، اعتمدت الحكومات على صياغة عقود نموذجية، أو اتفاقات ثنائية مع الدول المُصدّرة للعمالة، وفي ظل تدابير الحماية.
وقالت «هيومن رايتس ووتش» ان وتيرة التقدم في مسار إصلاح أنظمة الهجرة، كانت أبطأ من الإصلاحات العمالية. ففي البلدان المشمولة بالتقرير، تهاجر عاملات المنازل بموجب تأشيرات محددة المدة، يؤدي بموجبها أصحاب عملهن دور الكفيل، فيمكنهم بالتالي العمل على ترحيل عاملات المنازل إلى بلدانهن عندما يشاؤون، أو منعهن من التحول إلى صاحب عمل جديد.
ودعت الحكومات إلى التحرك سريعاً للعثور على بدائل، مثل نقل الكفالة من أصحاب العمل إلى سلطات حكومية مختصة بشؤون العمال، أو المراقبة اللصيقة لوكالات استقدام العمال.
ورأت أن بعض الحكومات بدأت في التحقيق والملاحقة القضائية في الانتهاكات التي تحصل بحق العاملات، لكن تبقى هناك معوقات عدة، منها على سبيل المثال، وجود نظم تقديم الشكاوى بعيدة عن متناول العاملات المحاصرات في المنازل، وغير القادرات على التحدث بلغة البلد.
وفي بعض الحالات التي يمكن فيها الوصول إلى السلطات، تمتد الإجراءات القانونية أعواماً، وتنتظر الضحايا عادة في ملاجئ مزدحمة، غير قادرات على العمل. ما يجبر العديد منهن على سحب شكاويهن أو التفاوض على تسويات مالية كي يتمكنّ من العودة إلى بلدانهن سريعاً. وفي حالات أخرى، فإن العاملات اللواتي يتقدمن باتهامات يُجبرن على الدفاع عن أنفسهن ضد المزاعم المضادة بالسرقة والسحر والزنا.
ودعت الحكومات إلى العمل على صياغة آليات يسيرة لتقديم الشكاوى، وتوفير إجراءات تقاض سريعة، وضمان حد أدنى من الخدمات الاجتماعية، مثل المأوى والعلاج الطبي، أثناء النظر في القضايا.
وأوضحت «هيومن ووتش « أن أعضاء من منظمة العمل الدولية سوف يبدأون مناقشات رسمية في حزيران المقبل من أجل صياغة معايير عالمية للعمل المنزلي. ويدعم لبنان والبحرين والأردن الخروج بمعايير قانونية ملزمة، فيما تدعم ماليزيا والسعودية والإمارات الخروج بتوصيات غير ملزمة، ولم تقدم سنغافورة أو الكويت ردود رسمية.
No comments:
Post a Comment