مدوّنة الكترونية ومسيرة ومهرجانات للأطعمة وحفلات موسيقية
24/7: «حضـارة المـذاق».. لتغييـر الصـورة النمطيـة عـن العامـلات الأجنبيـات
ناي الراعي 28/04/2010
تدرك نسرين كاج (28 عاماً) تماماً معنى أن تكون امرأة ذات بشرة سمراء في لبنان. قصتها بدأت منذ حوالى تسعة أعوام، يوم قررت هي، اللبنانية - النيجيرية أن تأتي إلى بلد والدها، لتتعلم اللغة والثقافة، وتكمل دراستها فيه، بعد أن أمضت عشرين عاماً في موطن والدتها نيجيريا.
«أتيت إلى هنا لأتعلم اللغة وأتواصل مع الشق الثاني من هويتي»، تقول. إلا أن التجربة لم تكن «لطيفة»: «اختبرت صدمة حضارية. كنت حين امشي في الجامعة، يناديني أحد الشبّان «بسسست»، وأنا لسذاجتي حينها، كنت أردّ معتقدة بأنه يريد أن يسألني عن الوقت مثلاً.. فأصعق بسؤاله: بقديش انتي».
حصل الأمر مع نسرين عدة مرّات خلال أشهر قليلة، وفي كل مرّة «كنت اتصل بأبي في نيجيريا، لأرجوه أن يعيدني إلى هناك، لكنه كان يصرّ على بقائي ويحثني على أن أكون أكثر قوة»، تروي. ورغم تكرار هذا النوع من الحوادث مع نسرين، لكنها لم تفهم الرسالة إلاّ بعد وقت طويل: «تطلّب الأمر ثلاث سنوات لأفهم عنصرية بعض اللبنانيين ولأدرك أن الهوية الأفريقية أمر سيئ غالباً في لبنان».
وبما أن هذا هو واقع حياة نسرين وعدد كبير من النساء العاملات وغير العاملات الأجنبيات في لبنان، فكّرت مع الناشطة والكاتبة في شؤون العنصرية وحقوق الإنسان الأميركية سيمبا روسو، والصحافية الكورية هايون لي، بخلق مجموعة «حضارة المذاق» الهادفة إلى «مشاركة الحضارة من خلال الطعام لتشجيع التعامل مع النساء الأجنبيات على مستوى مختلف عن السائد»، تشرح سيمبا.
وبالمناسبة، يوم أتت سيمبا لزيارة لبنان لمدة شهرين عام 2006، علقت أربعة أعوام فيه، لأن الأمن العام احتجز جواز سفرها، لا لسبب إلا استنسابية سلطتهم وريبتهم من مظهرها ولون بشرتها، كما تقول. وبعد إعادتهم لجواز سفرها، رحلت ثم عادت، ليحتجزوها هي هذه المرة!
«مع أول حدث للمجموعة منذ سنة، أتتنا فكرة تنظيم حملة للتضامن مع العاملات الأجنبيات، وبدأنا بها بمناسبة عيد العمل في العام الماضي»، تتحدث سيمبا. أما السنة، فتنظم «حضارة المذاق»، بالشراكة مع عدد من الجمعيات، أبرزها: «نحو المواطنية»، «انسان»، «فابا» أو «جمعية الفنون السمعية - البصرية والاستعراضية»، «كفى»، «نسوية»، «امنستي – انترناشونال»، «سوق الطيّب»، «المركز اللبناني لحقوق الإنسان»، و«مجموعة الأبحاث والتدريب للعمل التربوي».
وتنقسم حملة الـ24/7 للتضامن مع العاملات الأجنبيات في لبنان إلى شقين، الأول الكتروني والثاني احتفالي. «الشق الالكتروني من الحملة يحمل اسم الـ«تووغينغ»، في محاولة لدمج كلمتي البلوغ والتويتر، للدلالة على الوسائل المستعملة للقيام بالحملة»، تشرح سيمبا. يقوم بالحملة الالكترونية التي بدأت يوم السبت في 24 نيسان، وتستمر لأسبوع، ينتهي في الأول من أيار، مجموعة تتألف من عشرين مدوناً وعشرين آخرين يعملون على تويتر. كما يحث المنظمون العاملات الأجنبيات الموجودات على «فايسبوك» على الانضمام إلى الحملة.
لكن ما المطلوب تحديداً من الناشطين الالكترونيين؟ «الهدف من الحملة الالكترونية، نشر الوعي حول أوضاع العمال الأجانب في لبنان، والتشارك بالمعلومات والقصص عنهم. نشجع المدونين على مقابلة عاملة أجنبية ونشر المقابلة على المدونة مثلاً، أو كتابة تعليقات عن التمييز والعنصرية والتنميط»، تفسر سيمبا.
أما بعد انتهاء الحملة الالكترونية، فتنظم المجموعة سلسلة من النشاطات، يومي الجمعة 30 نيسان والسبت في الأول من أيار. وتنطلق الفعاليات بحفل إفريقي راقص، عند التاسعة من ليلة الجمعة في 30 نيسان، في الـ«آرت لاونج» – الكرنتينا، «وفي الحفلة، لا ننّظر ولا نحاضر ولا نوقع عرائض، سيحضر الناس ليتسلّوا وحسب»، تعلق نسرين التي تنظم الحفل.
وفي اليوم التالي، أي السبت في الأول من أيار، تنظم المجموعة مهرجاناً للأطعمة الآسيوية والإفريقية في سوق الطيّب، حيث تطبخ النساء الأجنبيات أطعمة تقليدية، ويتفاعلن مع الناس»، تقول هايون. ويتبع مهرجان الطعام، مسيرة تضامنية من تحت جسر الكرنتينا إلى عين المريسة، لأننا نريد أن يمشي اللبنانيون والأجانب مع بعضهم البعض، مع موسيقى وألبسة تقليدية وأعلام الدول، لنشر الوعي وكسر الصور النمطية التي يملكها كل من اللبنانيين والأجانب عن بعضهم البعض، ولتشجيع التعاطي مع العاملات الأجنبيات على أساس انهن أفراد من خلفيات ثقافية وحضارية غنيّة، وليس باعتبارهن خادمات، تتحدث هايون. وفي ختام يوم السبت، حفلة موسيقية مجانية مع زياد حمدان ولايزي لانغ وفريق الأطرش.
«الفكرة من يومي الجمعة والسبت أن تستمر الفعاليات لأربع وعشرين ساعة، إذ سيحيي سيمون خوند وكيكي بوكاسا عروضاً سمعية - بصرية طيلة ليلة الجمعة بعد الحفلة الإفريقية، يليها عند التاسعة من صباح يوم السبت، مهرجان الطعام. نريد أن نفعل ذلك لرمزيته، لأن العاملات الأجنبيات في لبنان يعملن لمدة أربع وعشرين ساعة في اليوم، ولسبعة أيام في الأسبوع. وهنا خلفية اسم الحملة 24/7»، تعلل سيمبا. تقاطعها هايون لتضيف أن «المسيرة يوم السبت تطالب رمزياً بيوم عطلة للعاملات الأجنبيات اللواتي لن يحضرن للأسف. فرغم أن الأول من أيار هو عيد العمال، لكنهن لا يحصلن على يوم عطلة».
وتتحدث هايون عن عقد العمل الموّحد الذي بدأ تطبيقه في كانون الثاني من العام الماضي، الذي يفترض أن «يمنع وكالات استخدام العاملات من خطف الآلية القانونية لصالحهم، وغش كل من العاملة الأجنبية والزبون». تستفيض هايون بالحديث عن عقد العمل، مشددة على انه «يعطي العاملات الحق بيوم إجازة لكنه لا يحدد انه يجب أن يكون خارج المنزل»، وتربط الأمر بأحد أهداف الحملة: «نحاول الضغط باتجاه هذه النقطة، ونأمل تحقيقه من خلال عريضة ننشرها على الموقع». وتضيف: «يشير العقد إلى انه يحق للعاملة إنهاءه إذا لم يدفع راتبها لمدة ثلاثة أشهر، لكن العقد لا يطبق فعلاً».
وتأمل المجموعة المنظمة أن يقبل اللبنانيون على هذه الحملة، وأن يشاركوا في نشاطاتها، من مهرجان الطعام إلى التظاهرة والحفل الراقص، أملاً بكسر الصور النمطية التي يملكونها عن العاملات الأجنبيات، والتخفيف من حدّة عنصريتهم. «من السخيف أن يسألني الناس هنا إذا كنّا نملك السيارات أو التلفزيونات في نيجيريا، أو إذا كنت قد رأيت الزرافات..! لم أرها لأنني لا اسكن في الغابة»، على حد تعبير نسرين.
No comments:
Post a Comment